Saturday, February 4, 2012



فنون الكلام المؤثر ومهاراته
"الكلمة الطيبة صدقة" حديث شريف
 في البدء كانت الكلمة..
 لقد خلق الله الكون بكلمة (كن).. فكان..
 وبالكلمة تنال رضاه سبحانه وتعالى..
 وبكلمة مضادة يحل عليك سخطه.
 وهناك كلمة تفتح في وجهك الأبواب المغلقة..
 وأخرى تسد عليك كل السبل..!.
 ولا يتم الزواج إلا بكلمة قبول تنطقها العروس أو وليها..
 والطلاق الذي يفرق بين الرجل وامرأته يقع بكلمة واحدة.
 وكذلك الصفقات الكبرى، وحتى أصغر عمليات البيع والشراء، فالإتفاق عليها يعقد بكلمة..
 وكلام تقوله في وقته، ومكانه يرفعك إلى القمة..!
 وكلمات تنطقها في غير مناسبتها، تحط بك إلى أسفل السافلين..
 وهناك كلام يتأخر في الخروج، عند الإحتياج إليه.. ويظل حبيس صدرك، فتضيع عليك الفرصة تلو الفرصة، وتبقى مكانك، أو تنكمش، وربّما تتلاشى.
 وهذه كلمة قد لا تلقي لها بالاً، فتجلسك على أرائك الجنة..! وأخرى تنطقها بلا إهتمام فتلقي بك في النار سبعين خريفاً!!
 عزيزي القارئ ليكن كلامك مؤثراً، فكلامك طريقك إلى القمة.
 - ومن العوامل التي تساعد على ذلك:
 1- استعن بالله:
 إنّ الإستعانة بالله هي عمود الأساس الذي لا غنى عنه، وقد تكون الإستعانة بالنية أو الدعاء أو بالأكثار من الصدقة أو بكل هذا مجتمعاً، وكلما ظهرت قوة استعانتك بالله زادت أسباب نجاحك في التعامل بمفتاح الحياة.
 2- ثق بنفسك:
 فمن غير الثقة سوف تذهب كلماتك أدراج الريح، فالناس لا تنجذب للإنسان الفاقد للثقة بنفسه، فلا تفكر بعيوبك كثيراً قبل الكلام بل عليك أن تركز فيما تقول أو ستقول، واعلم أنّه من الصعب أن تجد إنساناً يثق ثقة كاملة بنفسه، ولكن الفارق بين الإنسان الذي يبدو واثقاً وبين نقيضه أنّ الأوّل يقف بفكره طويلا عند نقائصه، فافعل مثله، واختر في البداية أناساً ترى أنّهم يحترمونك للحديث معهم ثمّ تدرج لإكتساب مزيد من الثقة، وإذا لم تشعر بعدم الثقة الكافية فتظاهر بأنّك واثق من نفسك، والآخرون لن يعرفوا ذلك، ولكن لا تبالغ في التظاهر.
 3- اهتم بمظهرك:
 كم شخصاً يتعامل معك يوميّاً؟
 مهلا.. مهلا.. أعرف أنّ العدد كبير، لذلك سوف أحدد سؤالي أكثر وأقول:
 كم منهم يتاح له الإقتراب منك لدرجة تكون فكرة عن أفكارك ومبادئك؟
 أظنك تقول: إنّهم قلة قليلة.
 نعم أيّها الصديق فأغلب الناس الذين نتعامل معهم لا يمتلكون فرصة للحكم علينا إلا من مظهرنا، ومن هنا تأتي أهمية الإهتمام بالمظهر.
 وهناك أوليات في هذا السياق، منها: أن تكون ملابسك نظيفة وحبذا لو تم كيها بانتظام، وأن ألوانها متناسقة غير منفرة فضلاً عن بعدها عن التقاليد والموضة غير المتوافقة مع سنك أو تربيتك.
 ولا تنس أن تلمع حذاءك باستمرار فكونه متسخاً سيقلل كثيراً من رصيدك لدى الآخرين.
 4- اختيار موضع الكلام:
 يجب أن تختار موضوعاً تحب الحديث فيه ويحبه مستمعك، فكما يقول كارنيجي: إنّنا عندما نصطاد السمك نضع له الدود كطعم؛ لأنّه يحبه بينما لو وضعنا له أفخر أنواع المأكولات لانصرف عنها.
 وبعد أن تختار الموضوع عليك أن تستعد للحديث عنه بجمع أكبر قدر من المعلومات ثمّ ترتيبها في رأسك أو على ورقة إن كان الموضوع متشعباً، وسوف تلقيه على مسامع أشخاص يهمك أمرهم.
 5- ابتسم:
 إنّ الإبتسام هو الطريق السريع إلى قلب الشخص الآخر وقد حثنا عليه الرسول (ص) بقوله:
 "تبسّمك في وجه أخيك صدقة".
 وقد قال الصينيون: "مَنْ لا يعرف الإبتسام لا ينبغي أن يفتح متجراً".
 6- حرك جسمك:
 إنّ إيماءاتك وتعبيرات جسدك هي أسلحة قوية جدّاً لإعطاء مصداقية لكلامك، فكما تعرف فإن تأثيرك على من حولك يكون 55% منه بصرياً، أي أنّه يأتي مما يراه الشخص الآخر من حركاتك، فلا تخجل من إستخدام يديك بشكل يتناسب مع ما تقول، وكذلك حركة رأسك، أو الميل بجسدك نحو المستمعين، ولا تلتفت لمن يسخر من حركتنا الجسدية المتكررة – وخصوصاً بالأيدي – كعرب أثناء الكلام، فالغرب الآن أنشأ مدارس خاصة لتعليم لغة الجسد..!
 7- انظر في عينيه:
 للعين أهمية كبرى في عملية الإتِّصال فقد قال عنها الشاعر العربي:
 العين تبدي الذي في قلب صاحبها **** من الشناءة أو حب إذا كان
 إنّ البغيض له عين يصدقها **** لا يستطيع لما في القلب كتمان
 فالعين تنطق والأفواه صامتة **** حتى ترى من صميم القلب تبيان
 يقول رالف إيمرسون: "العين يمكن أن تهدد كما تهدد بندقية معبأة ومصوبة، أو يمكن أن تهين كالركل والرفس. أمّا إذا كانت نظرتها حانية ولطيفة فإنّه يمكنها بشعاع رقتها وعطفها أن تجعل القلب يرقص بكل بهجة".
 فلغة العيون لها قوانينها الخاصة، فهي تستطيع أن تنقل مئات الرسائل التي يعجز اللسان عن النطق بها.
 وللإستفادة منها عليك بالنظر تجاه الشخص الذي تتحدث إليه لمدة عشرين ثانية في بداية كلامك، وإذا كنت تحادث مجموعة فيجب أن تنقل بصرك بينهم في شيء من العدل، تركز نظراتك على من تنظر إليه مدة تتراوح من خمس إلى عشر ثوانٍ قبل أن تنقل بصرك عنه، ولا تركز بصرك على شخص واحد فقط، أو تحدق في اللاشيء، فهذا يعطي إنطباعاً بفقدان الثقة بالنفس.
 8- صافح بحرارة:
 من الخصال الحميدة التي نقلت لنا عن الرسول (ص) أنّه كان لا ينزع يده من يد مصافحه حتى ينزعه الأخير، ونقل لنا أيضاً أن كفه كانت لينة، وهذا يعني أنّه كان رفيقاً ليناً حتى في المصافحة، وليس كما يفهم البعض الآن – خطأ – أنّ المصافحة بحرارة تعني اعتصار يد من يصافحك، إنّ هذا الفعل إنما ينبئ أنك شخص ضعيف تحاول التظاهر بالقوة..!
 فأنفث الحرارة في مصافحتك للآخرين، دون أن تكسر عظامهم.
 9- أنتم إلى جهة ما:
 إنّ أغلب الناس اليوم – للأسف الشديد – فقدوا القدرة على التمييز بين الكلام الصالح والطالح وأنصب تركيزهم على ماهية الشخص نفسه، فإذا وثقوا بالشخص استمعوا له وأنصتوا، وإذا لم يقدروه انصرفوا عن كلامه ولو كان يلقي درراً.
 فلو كنت تمتلك ناصية الكلام وتجد عندك ما يستحق أن تسمعه للآخرين، فدعمه بمكانة إجتماعية مرموقة أو على الأقل محترمة ليبدأ الناس في سماعك بعقل قابل للأخذ منك، ومن أشكال هذه المكانة:
 الحصول على لقب علمي (صاحب دكتوراه.. طبيب.. محامٍ..).
 أو العمل في مؤسسة تعليمية أو إدارية يشير إليها بالبنان.
 أو البزوغ في مهنة لها شأنها (كاتب.. صحفي.. مذيع.. مؤرخ).
 أو الإنتماء إلى حزب سياسي أو حتى جمعية خيرية.
 10- اختر الزمان والمكان المناسبين:
 تكلم عندما يكون مستمعوك جاهزين لسماعك، وليس عندما تشعر أنّك تريد أن تكلمهم، اختر مكاناً مناسباً يساعد على تعزيز المعنى الذي تريد توصيله، فليس من اللائق أن تذهب لشخص في مكان عمله لتحدثه في أمور شخصية.
 11- حدد الأشخاص الذين تود أن تفتح معهم جسر الكلام:
 فكِّر في الناس الذين تود أن تمد جسور العلاقات معهم، لتستفيد من كلامهم، أو تفيدهم بكلامك، وحاول كتابة قائمة بتلك الأسماء على أن تراعي فيها التنوع في اختيار هؤلاء الأشخاص من حيث مكان تواجدهم، ونوعية أعمالهم والأفضل أن تضم تلك القائمة: (بعض الجيران، زملاءك أو رؤساء في العمل، دعاة أو علماء دين، أصحاب خبرات سياسية أو صحيفة، رجال أعمال، أصحاب الخبرة من كبار السن، شباباً واعداً طموحاً..).
 12- لا تنتظر التصفيق:
 يقول وليم جيمس عالم النفس الأشهر: "إذا انتظرت تقدير الآخرين لواجهت إحباطاً كبيراً"؛ لذلك عليك أن تتقن أصول الحديث وفنونه تمارسها بشكل دوري حتى تصبح جزءاً من شخصيتك، دون أن تنتظر نتائج فورية لكل ما تقول، فالناس بطبعها الحالي باتوا يتمتعون بشيء – أو بالكثير – من البخل عند تعاملهم مع المبتدئين في أي مجال، فاعرض كلامك ولا تنتظر التصفيق من المستمعين، وتذكر أنّ الرسول (ص) كان أفصح منك لساناً وأقرب منك بياناً، ومع ذلك قوبل كثيراً باللوم والإنتقاد والسخرية، فلا تبتئس إذا أخذت بالأسباب التي تفتح لك بوابة الحياة ثمّ تأخرت النتائج قليلاً، وكن على يقين أنّ الله لا يضيع أجر من أحسن عملا.



تعلم فن السيطرة على النفس

لعل من أهم المشاكل الشخصية التي يعاني منها البعض وتسبب مشكلة فعلا لهم مع أنفسهم قبل كل شيء، ثم مع الآخرين الذين يتعاملون معهم هم عدم القدرة على السيطرة على النفس.. وهو ما يجعل كل عيوب الشخصية تبدو واضحة تماما وضوح الشمس.
  إن الذين يمارسون فن السيطرة على النفس هم وحدهم القادرون على أن يحتفظوا بهدوء جلى ظاهر في تعاملاتهم.. والإنسان القادر على السيطرة على نفسه هو إنسان متماسكك الكيان ، لديه "جلد فكرى" وايمان لا يتزعزع ، وثقة مطلقة بالنفس.
والإنسان القادر على السيطرة على نفسه عندما ينتابه غضب عارم يبتسم أو يتكلم برفق ورقة لينقلب غضبه إلى رفق ورقة دون اندفاع أو عصبية، وما على الإنسان الذي يريد أن يزيد ثقته بنفسه إلا أن يفرض على نفسه قناع الصلابة والإصرار، وأن يوحي إلى نفسه بأنها قوية منيعة للتسرب في حناياه انفعالات ومعانى إيجابية تؤدي الثقة الفعلية بالنفس، ويمكن أن تدرب نفسك على السيطرة على النفس، وهو تدريب ليس بالشاق على الإطلاق، كل ما يتطلبه منك أن تراقب نفسك بدقة وحذر، وأن تبقى مغلقا مع نفسك لا يعرف أحد شيئا من أمرك، وأن تتماسك ولا تعبر بحركة ولا بإشارة ولا بكلمة عما بداخلك من مشاعر سلبية، إنه نوع من أنواع التدريب على السيطرة على النفس وليس كبتا للمشاعر على الإطلاق. جرب أن يقع نظرك على ما يدهشك.. تماسك واصمت.. جرب أن تصدم بشيء وتدفن شعورك دون اندفاع.. جرب أن تواجه شيئا يزعجك أو يثير أعصابك وتبتعد عنه دون أن ترد برد فعل.
عليك أن تتحلى بالصبر، وألا تظهر شيئا من ضيق الصدر أو الغيظ، هل تستطيع أن تدون المواقف التي مرت بك في اليوم الواحد والتي استطعت فعلا أن تسيطر فيها على نفسك سيطرة كاملة؟؟ فإذا كانت في اليوم الأول مثلا 50% فلتكن في اليوم الثاني 60% على الأقل إلى أن تصل إلى نسبة90 %خلال أسبوع.
  إذا ألقي على مرأى منك ومسمع رأي لا يروقك كن هادئا، وإذا راقك بقيت هادئاً أيضا، فإذا فعلت ذالك فأنت فعلا مسيطر على نفسك، ومسيطر على انفعالاتك.
إذا كان لك أن تجيب عن سؤال أو تتكلم في أمر يعود عليك بالفائدة فليكن كلامك موجزا وواضحا ومختصرا ومفيدا، أما إذا نجحت في أن تحد من انفعالات وجهك وقمت بذالك على خير وجه فأنت مسيطر على نفسك ومسيطر على مشاعرك وتستحق الاحترام والثناء.
جرب أن تتأمل كل ما تراه وأن تنظر إليه وجها لوجه بعين هادئة مطمئنة، ولا تهتم بما يلقى إليك من ملاحظات أو استهجان. إذا استطعت أن تقوم بذالك فأنت مسيطر على نفسك ومسيطر على مشاعرك وانفعالاك وتستحق مني كل التقدير..
أدخل في نفسك الشعور بأنك حر ومستقل وسيد لنفسك دون غرور أو صلف، وضع في ذهنك أن تفكر بذاتك وتدرك من أجل نفسك ومن أجل الناس، وتلاحظ وتقدر وتفهم من تلقاء نفسك، وليس لأحد أن يؤثر فيك أو يغير مجرى سلوكك أو أفكارك، وثق أنك إن نجحت إنسان قادر على السيطرة على نفسك، ولك مني ألف تحية وسلام.
وليكن واضحا أمامك أن السيطرة على النفس في أبسط معانيها هو إلزام النفس بانتهاج خطة معينة وإتباع قواعد منطقية علمية وتنفيذ قرارات مدروسة وبالطبع لا يمكن أن يحدث هذا إلا عندما يستهدف الإنسان غاية شاملة عامة إليها تتجه جهوده، ومنها تنبعث تصرفاته، واذا ما طبقنا ذالك علينا يمكن أن نقول: إن الهدف العام هو إصلاح عيوبنا الشخصية، أما السيطرة على النفس فهي سلاح الأول وخط الدفاع الأول الذي سيساعدنا على تحقيق أهدافنا، وبدونه فعلا لا يمكن أن يتحقق ما نرجوه من إصلاح وتهذيب لشخصيتنا من خلال إصلاح عيوبها.
 
فيما يلي عشر نصائح خفيفة تجعلك تسيطر على نفسك

1- إجبار نفسك على القراءة لمدة معينة يومياً، فمثلاً لنقل أنك ترى مدة 30 دقيقة هي المناسبة ومن هناك تبدأ بإجبار نفسك على هذه القراءة مهما كانت الظروف المحيطة .

2- اجبر نفسك على الصلاة خمس مرات في اليوم، مهما كانت الظروف أو حتى عوامل الكسل يجب أن تصلي وفي هذا العمل فائدتان ؛ فائدة الأجر وفائدة السيطرة على الذات.

3- النوم في ساعة محددة في يوم معين، لنقل مثلاً أنك تريد النوم الساعة 9 مساءً كل ثلاثاء ويجب منذ تحديد ذلك اليوم والساعة أن تلتزم.

4- إجبار نفسك على نوع طعام في يوم معين، مثلاً لا تأكل إلا خضار وفواكه في يوم الأربعاء مهما كان نوع الطعام الأخر المتوفر.

5- المشي لمدة 10 دقائق يومياً فقط ، الفترة ليست طويلة لكن أجبر نفسك عليها يومياً ولو لم يكن لديك سوى هذه الدقائق.

6- الخروج من بيتك لمشوار معين من دون الهاتف الخلوي ، هنا ستدخل في صراع كبير مع نفسك وقلقك لكنك مع الزمن ستصبح أكثر سيطرة... مرة واحدة في الأسبوع قم بهذا وأخبرنا عن النتائج.

7- مشاهدة برنامج ممل جداً على التلفاز لمدة 10 دقائق.

8- القيام بنشاط يومي منزلي لا تقوم به عادة ومفيدة ، مثل تمارين الصباح أو تنظيف الأسنان بالفرشاة بعد كل وجبة أو حلق الذقن كل يوم.

9- حاول أن تكتب ما يجري معك كل يوم لمدة شهر فقط في دفتر خاص.

10- رفض العمل بأمر واحد أسبوعيا تحب أن تقوم به ، مثلاً لو كنت ممن يذهب إلى السينما أسبوعياً لا تشاهد فيلم في أحد الأسابيع، وفي الأسبوع التالي عندما ترى شيء جميل مثل نوع من الحلويات تطلبه النفس لا تقم بشرائه وهكذا.

7 شخصيات غريبة تجدها في عملك



لا يخفى على أحد أنّ التعامل مع الآخرين يعتبر فنّاً لا يتقنه الكثير منّا، هذا عندما نتحدّث عن البشر بصفة عامّة، فما بالك عزيزي القارئ عندما تدفعك الظروف إلى التعامل مع بعض الشخصيات حادة الطباع، أو أولئك الأفراد ذوي السمات الشخصية الصعبة، ويزداد الأمر تعقيداً عندما يجمعك بهم مكان عمل واحد. لا شكّ أنّ الأمر هنا يحتاج منك إلى التحلي ببعض المهارات، وأن تكون حكيماً عند التعامل مع هؤلاء، والأهم من ذلك ألاّ تتأثّر بالممارسات السلبية الصادرة عنهم. وإذا كنت تطمع في معرفة المزيد من الأنواع المختلفة لهذه الشخصيات وطرق التعامل معها فلابدّ أن تتابعنا خلال عرضنا التالي.
تشير الإحصاءات والدراسات النفسيّة أن حوالي 10% من العاملين في أي مؤسسة أو مكان عمل واحد، يمكن تصنيفهم على أنّهم من أصحاب الشخصيات الصعبة، وهي تلك الشخصية التي نجد صعوبة في التعامل معها، وغالباً ما تكون مصدر إزعاج وقلق لجميع زملاء العمل، وتختلف درجة هذا الإزعاج الذي تُسبِّبه الشخصية الصعبة من مجرد التأفُّف والتذمُّر، وربّما يصل الأمر إلى مرحلة السِّباب والتشابك بالأيدي أو الإبتعاد نهائياً حتى نتّقي شروره، وإذا وضعنا في الإعتبار الوقت الطويل الذي نقضيه بمكان العمل واضطرارنا إلى التعامل مع هذه الشخصيات، ندرك الحجم الطبيعي لهذه المشكلة، ومدى تأثيرها السلبي على أدائنا للعمل، وكذلك على علاقتنا مع أفراد المجتمع.
- أنواع هذه الشخصيات وطرق التعامل معها:
ولكي نقترب أكثر من القضية، نعرض لبعض أنواع هذه الشخصيات التي تنتشر كالسوس بيننا في بيئة العمل لتنخر في طبيعة علاقتنا بالآخرين وتؤثِّر على كفاءتنا بالعمل:
1- الشخصية العدوانية:
يتميّز صاحبها بالعنف وعندما تضعك الظروف للعمل مع مثل هذه الشخصية ستجد أنّه يغضب كثيراً وبسرعة، وكثيراً ما ينفجر ويثور مسبِّباً آلاماً نفسية وأحياناً جسدية لمن يعملون معه، ويحاول هذا الشخص أن يجبر زملاءه ومعاونيه على العمل بالطريقة التي يختارها هو، وفي بعض الأوقات يوكل العمل المسند إليه إلى زملائه خاصّة إذا كان في مكانة وظيفية أعلى منهم، فإذا جمعك حظك مع شخصية عدوانية في العمل، فيجب عليك أن تعرف طرق التعامل معه وأوّلها ضرورة مواجهته والتحدّث معه بشأن هذه المشكلة، ولنعلم جيِّداً أن إستمرار مثل هذه الشخصية في توجيه العدوانية إلى الآخرين، يرجع إلى عدم مواجهته والسماح له بإتباع أسلوبه العنيف. وإذا لم يفلح معك هذا الأسلوب، فمن المفيد أن تجرِّب طريقة التجاهل، وهي طريقة نفسية توصي بتجاهل الفعل الذي يضايقنا ومع الإستمرار في هذه الطريقة يضعف الفعل نهائياً، لذلك ننصحك بأن تجرِّب تجاهل العنف إلى أن يختفي تماماً، وأخيراً إذا لم يفلح ذلك فمن الضروري أن ترفع الأمر إلى رئيسك بالعمل، وتوكل إليه مهمة التصرُّف مع هذا الشخص.
2- لاعق الحذاء:
ولاعق الحذاء شخصية نعرفها جميعاً وتتواجد في جميع بيئات العمل تقريباً، ويرى هؤلاء أن أسرع وأسهل طريقة للترقي الوظيفي هي التذلل والتملق لرئيس العمل، حتى وإن كان ذلك على حساب بعض الزملاء وإن افترى عليهم بالباطل، وهذا يعني أنّه ينقل أخباراً كاذبة وغير حقيقية عنهم مما يشوِّه صورهم، ويزداد الأمر سوءاً بتشجيع بعض المديرين ورؤساء العمل لمثل هذه الشخصيات، حيث يشعر هؤلاء المسؤولون بأهميّتهم أكثر مع وجود هذه الشخصية المتوددة من حولهم، ومن الضروري أن نتحلى بالحنكة عند التعامل مع مثل هؤلاء الأشخاص، فلا يجب أن نعيره انتباهاً بل ننصحك بتجاهله تماماً، ويمكنك تسخيره لخدمتك فأنت تعلم مقدماً أنّه ينقل أخبار العاملين إلى رئيس العمل، إذن إستخدم خبرتك في تلقينه بعض الإيجابيات عن عملك، إستغل وجوده وقم بعمل مناقشات جادة وأعمال مفيدة تجعل صورتك مشرفة عند رئيسك، ولا يجب أن تتملقه، كل ما عليك أن تكون أذكى منه، فلا تتحدّث أمامه عن زملائك حتى وإن طلب منك ذلك، إبتعد عن كل ما يضيع وقت العمل ولا تمزح معه ولا مع الزملاء الآخرين في وجوده، لأن من طبعه إستخدام مثل هذه التصرُّفات بطريقة تسيء إلى صاحبها.
3- الطاعن من الخلف:
ويبدو هذا الشخص وديعاً هادئاً ولطيفاً مع الجميع، ولكنّه يستغل هذه الوداعة والطيبة في التعرُّف على أكبر قدر من المعلومات التي تخصّك، ثمّ يستخدم هذه المعلومات بعد ذلك للإضرار بك، وربّما يشهر بك بحيث يوصل للجميع أنّك قمت بإرتكاب خطأ فادح يضر بالعمل. ومن الحيل التي يلجأ إليها التغلغل في حياتك الشخصية والحرص على معرفة أخبارك الشخصية، وربّما يوشي بها إلى رؤسائك بالعمل لتشويه صورتك، ونحذِّرك من هذه الشخصية التي تضر بسمعتك، وسلاح هذا الشخص هو المعلومة، لذا لا يجب أن تمده بهذه المعلومة لكي يستخدمها في طعنك من الخلف، تعامل معه برقة وأدب كما يدعي هو، ولكن لا تترك له الفرصة أن يعرف أي شيء عنك، خاصّة عندما تجرِّبه لمرّة واحدة وتتعرّف على خصاله، ويمكنك التعرُّف عليه بسهولة لأنّه كما ينقل منك تجده يأتي إليك مبتسماً ومتودداً لينقل لك الأخبار والمعلومات التي تسيء إلى الزملاء.
4- الشاكي:
وهذا الشخص يستغل أي فرصة للتعبير عن شكواه ويركِّز بصفة خاصّة على صعوبة الأعمال الملقاة على عاتقه، ومن سمات هذا الشخص أنّه لا يستطيع إنجاز أعماله بهدوء وسرعة لأنّه يقضي وقتاً طويلاً في الشكوى إلى الآخرين، ويشعرك هذا الشخص أنّ العالم كلّه من حولك رديء، فالعمل مرهق، والمدير متعنت، والطرق مزدحمة، والأسعار غالية، وطباع المجتمع أصبحت تتميز بالغدر، والجو إمّا حار للغاية أو يكون شديد البرودة.. وهكذا تجد نفسك محبطاً تلقائياً كما أنّ هذا النوع من الأشخاص يستهلك كثيراً من وقتك. وننصحك هنا بعدم الدخول في جدال عقيم مع مثل هذه الشخصيات، فبمجرّد أن يستمع منك كلمة اعتراض سيبذل قصارى جهده لكي يقنعك، ومن ثمّ تزداد شكواه ويضيع عليك وقتاً أطول، وبدلاً من مناقشته يجب أن تقترح عليه بعض الحلول الخاصّة بشكواه، وإقناعه بأنّه يجب أن يطور من نفسه كي يحصل على فرصة أفضل، ولنعلم جميعاً أن هناك فرقاً شاسعاً بين الشخص الذي يريد منك أن تسدي إليه خدمة ما، وبين هذه الشخصية الشاكية، فالذي يطلب خدمة يتوجه بطلبه إليك مباشرة ثمّ يشكرك بعدها، أمّا هذه الشخصية كثيرة الشكوى فليس لها طلب محدَّد، ولا هم لها سوى صب جام غضبها على كل مَن حولها، ويحتاج هذا الشخص منّك أن تعامله بنوع من التعاطف أيضاً، وهذا لا يعني أن توافقه دائماً على ما يقول.
5- التاجر:
ونقصد هنا أنّه يتعامل بعقلية التاجر، فهو يسعى دائماً لإبرام الصفقات، والحصول على الإمتيازات والإستفادة من المواقف مهما كانت العواقب، بل ربّما يدبر لمصالحه بناء على إلحاق الضرر بالزملاء، وهذا هو الجانب السيِّئ في الموضوع، فليس هناك أدنى مشكلة من سعي الشخص للحصول على امتيازات أفضل بشرط إستحقاقه لهذه الإمتيازات وعدم الإضرار بالآخر، ولكن مع الأسف الشديد فهؤلاء لا ينظرون إلى أي قيم، ولا يضعون إعتباراً لمبادئ وقوانين العمل، فكل ما يشغلهم هو الحصول على الإمتيازات المالية والترقي الوظيفي بسرعة، وهذا الشخص لا يجب أن تدعه يعرف عنك أي معلومة، سواء فيما يتعلق بالعمل أو حتى عن حياتك الشخصية، فوسيلته دائماً أن يأخذ المعلومة ويجلس مع نفسه ثمّ ينفدها ويفكر في كيفية الإستفادة منها، حتى وإن سبب لك الضرر فيما بعد فهذا لا يهم، ويمكنك أن تتعرّف عليه بسهولة فهو شخص فضولي متطفل يسألك دائماً عن إمكاناتك وقدراتك وما يمكن أن تقدِّمه ويمتاز بنظرة ثاقبة يبتعد عنك وينساك تماماً عندما تنتهي مصلحته معك، ويأتي إليك لاهثاً ومنكباً على وجهه إذا علم أنّه يمكن تحقق النفع من خلالك، وكما قلنا إن مفتاح التعامل مع هذه الشخصية هو عدم السماح له بمعرفة أي شيء عنك دون أن يلاحظ أنّك حذر معه.
6- الخجول:
الخجل في حد ذاته لا يصنف على أنّه عيب أو صفة سلبيّة، لكنّه يؤثِّر على علاقتك وتواصلك مع زملاء العمل، ويحتاج الشخص الخجول منك إلى التحلي بالصبر والحكمة، وألاّ تضغط عليه فربّما زاده ذلك خجلاً وإنطواء على نفسه، كما أنّه من الضروري أيضاً أن تشجعه للخروج من عزلته، ولا تمل منه بسرعة فمن المعروف أن حالة هؤلاء تبعث على السأم والملل، فكلّما وجهت إليه حديثاً ردّ عليك بكلمة أو كلمتين وربّما لا يرد، وأعلم أن هذا الشخص ليس لديه الكثير كي يقدِّمه أو يعرضه حتى وإن كانت لديه أفكار أو موضوعات معيّنة، فسيقدمها إليك بإختصار شديد للغاية، كما يتميّز هؤلاء بالحساسية الشديدة، لأجل ذلك كلّه يجب أن يتسم تعاملك معه بالصبر والهدوء، وتوجيه الأسئلة السهلة التي تشجِّعه على الردّ بإستفاضة، وتزيد من ثقته بنفسه في ذات الوقت، وعندما يتكلّم قم بالثناء على رأيه ويمكنك المبالغة في هذا الثناء في البداية إلى أن يذوب الجليد فيما بينكما، ويتجرّأ ليحكي لك عما يجيش به صدره. صعوبة الأمر هنا تكمن في الخطورة الأولى ولابدّ أن نعي أن هذا الشخص الخجول يكون مستاءً من خجله طوال الوقت، ويتمنّى في قرارة نفسه أن يجد مَن يثق به ليأخذ بيده ويكسر حاجز الخجل، وستفاجأ بعد ذلك بفصاحته وقدرته على سرد الأحداث وتحليلها.
7- المستسلم:
هو ذلك الشخص الذي لا يستطيع التلفظ بكلمة (لا)، فهو مطيع للغاية وخاصة فيما يتعلّق بأمور العمل وشؤونه، فمهما كان ضيق الوقت ومهما كانت كميّة العمل الموكلة إليه، فهو لا يقوى على الرفض، ومشكلة هذا الشخص أنّه يظل في طاعته العمياء هذه إلى أن يأتي عليه وقت ينهار فيه تماماً، ولكن: لماذا يتبع هؤلاء لتلك الطريقة؟
البعض منهم يرى أن رفضه لعمل معيّن يُعبِّر عن ضعف مستواه أو عدم كفاءته أو قصوره في التعامل مع الأشياء، وربّما يرجع ذلك إلى الخلفية الثقافية والبيئة التي تربّى فيها هذا الشخص، ففي بعض الثقافات هناك اعتقاد سائد بضرورة أن يعمل الفرد طوال الوقت، ولا مجال هنا للراحة أو الإسترخاء بل يعتبر ذلك عيباً، وأولى خطوات التعامل الفعّال مع هذه الشخصية هي مد جسور الثقة معه، وعندما يحدث ذلك يمكنك أن تستدرجه لعمل بعض الأنشطة الأخرى، مثل تناول فنجان من القهوة أو ممارسة رياضة معيّنة، حينها سيدرك أنّ الحياة كلّها ليست عملاً، بل إن هناك ما يستحق أن نخصِّص له بعض أوقاتنا، كما أن مهام العمل يمكن أن توزع بالتساوي مع بقية الزملاء، وأنّه ليس مجبراً على العمل أكثر منه وإذا كان لابدّ من العمل لساعات طويلة إذن فليركز في أعماله الخاصّة ويخرجها بصورة أكثر إتقاناً.
- الشخصيات الصعبة لرؤساء العمل:
عندما يتّسم زميلك بشخصية غريبة أو صعبة، فهذا أمر مقدور عليه، ولكن عندما يكون رئيسك بالعمل هو تلك الشخصية الصعبة، فالمشكلة هنا أكبر، فكيف يكون التعامل معه؟
في أي تعامل مع مديرك يجب أن تكون لديك خطة رقم (B)، بمعنى أنّه عندما تتقدّم بإقتراح أو فكرة خاصّة بالعمل، وأنت متوقع قبولها بنسبة 100% ستصدم كثيراً إذا رفضت، أمّا إذا كانت لديك خطة بديلة أو إقتراح ثان فستتلقى الرفض بنوع من الإطمئنان ورحابة الصدر، كما أنّ ذلك ينم عن شخصيتك الإبداعية، حيث تستطيع تقديم أكثر من حل.. ولا يجب أن تنظر إلى النقد أو الجزاءات التي توجه إليك بنوع من العاطفة، أو على أنّه موقف شخصي منّك، لأن ذلك يوجد نوعاً من الصراع الداخلي بين شخصك وشخصه، ينتهي لصالحه بحكم مكانته الوظيفية ما يفقدك ثقتك بذاتك، واعلم أن انتقاده دائماً يكون موجهاً إلى عملك لا إلى شخصك، فما يربطك به هو العمل، ومن المهم ألاّ تلجأ إلى الصراعات معه، بل يفضل أن تتخذ من نقده موضوعاً للنقاش والتفاهم فيما بينكما، ومن الضروري أيضاً أن تتعرّف على الطريقة التي يفضلها رئيسك لأداء الأعمال، فيحدث كثيراً أن تقوم بأداء العمل بطريقة معيّنة وأنت مقتنع بصحته، وبالفعل حسب القواعد والقوانين فعملك سليم ولا غبار عليه، ثمّ يأتي رئيسك بالعمل ويغيِّر الطريقة تماماً ولكن النتيجة واحدة، هنا تغضب وتثور ثورتك، ولكن قبل أن يحدث ذلك قف وتمهل، واسأل نفسك: لماذا لم تتفهم طريقته في التعامل؟ ولكي تتجنّب النقد الذي يمكن توجيهه إليك لابدّ أن تقوم بعمل تقييم شامل لجميع أعمالك قبل أن يبدأ هو في تقييمها، ومن ثمّ حسن مستوى أدائك لعملك، وعندما تكون لديك شكوى أو إستفسار معيّن لا تتخطى رئيسك بالعمل، بل يجب أن ترفع شكواك حسب السلم الوظيفي.
- هل أنت شخصية صعبة:
يجب أن تقف مع نفسك قليلاً وتحاول التعرُّف على خصالك التي لا يحبّها الآخرون، في محاولة منك لتعديل هذه الخصال، انظر بداخلك وابحث عن مكنون نفسك، حتى لا تنتقد الآخرين وأنت من البداية تحتاج للنقد.

الإدارة والتجديد بين الأمس واليوم


لتجديد والتطوير.. لا يمكن فصلهما في المفهوم، ولا عن مفهوم الحياة التي نعيشها.. الحياة حركة إلى الأمام.. والتجديد نحو الأحسن قانون حركة هذه الحياة..
إنّ التجديد هنا لا يعني بالضرورة التغيير التكنولوجي ووسائل الإنتاج والعمل فقط..
إنّ بلاد الشمس المشرقة – اليابان – أحد مواطن النهوض الحديث كأُمَّة صناعية عصرية.. تَوَصَّلت إلى ذلك بإدراك حاجات ومستلزمات هذا النهوض – إجتماعياً، وصناعياً، وتعليمياً – التجديد الذي جعل اليابان بلداً متميزاً في كل شيء..
أخذت بنموذج المصانع الحديثة المتطورة.. جددت أنظمة العمل والإنتاج والحوافز.. فوصلت إلى بناء إمبراطورية صناعية حديثة بسرعة تلفت الأنظار، وبأقل قدر من الضجيج.
إذن ما هو هذا التجديد الذي أصبح كلمة رنّانة في عالم اليوم الحديث والمعقد؟
إنّ التجديد ليس بالضرورة إكتشاف أو إختراع شيء ما، بل هو إدراك الفرص المتأصّلة في جوهر الأشياء والعمل على إستخلاص أحسن ما فيها لتطويرها، إنّه يتضمن عنصر الثقة والإخلاص والرغبة المتأصِّلة بتحقيق النتائج المتقدمة بالرغم من كل العراقيل والمعوقات..
المرونة والتقبُّل للأفكار الجديدة والرغبة بتحرير النفس من التزمُّت والتقييد ومواجهة مخاطر التهديدات بثقة في النفس..
كل ذلك صفات ضرورية للمدير الذي يتبنّى التجديد في إدارته.
إنّ البحث عن أفكار جديدة يساوي أهمية التجديد ذاته لأن ذلك يعني نمو وإزدهار في الإدارة ذاتها..
التجديد في الإدارة.. يعني تصميم وتطوير شيء جديد ليس معروفاً ولا موجوداً لحد الآن.. والذي سيشكِّل هيكلاً إقتصادياً جديداً خارج القديم..
ومهما يكن حجم هذا الشيء وحتى لو كان صغيراً.. كأن يكون معرفة جديدة.. خطأً جديداً للتعامل، أو التسويق، أو الإنتاج، أو إبتكار خدمة جديدة في التعامل، والتوزيع.. أو الخزن أو الإعلان.. إلخ، فإنّه تجديد مؤكد.
إنّ التجديد عالم واسع.. لا تقتصر عليه جهة أو مكان أو زمان معيّن.. التجديد ليس له حدود ولا جنسية ولا لون أو جنس.. يمكن أن يكون في مؤسسة كبيرة، أو صغيرة صناعية، أو تجارية، أو خدماتية.. في البيت أو المدرسة في أسلوب التعليم، أو الحسابات، أو إدارة المنزل.. كما يمكن أن يكون في نظم الكمبيوتر، أو برنامج لخدمة الزبائن في مقهى، أو في تغليف الطعام.. أو في الطباعة، والتعليم..
فليكن عزيزي المدير في مؤسستك.. مهما كان نوعها.. وفي علاقاتك العامة.. أو منتوجك الجديد.. أو خدماتك المتميزة والسريعة.. في التسويق أو التنظيم الإداري أو في مجال الاستشارات ودراسات الجدوى.
إنّ المدير الذي يؤمن بالتجديد ويسعى له في عالمنا المعقَّد السريع التغيير يحتاج إلى النموذج وتعيين الإتجاه والحماس.. وأن يغرس هذه المبادئ داخل منتسبي مؤسسته.. ليحولوها إلى أهداف دائمة.. يسعون إليها وبها ويستذكروها بشغف وإخلاص عميق كل يوم..
·       التجديد في الإدارة يتماشى مع الزمن:
التجديد في الإدارة يتضمَّن بالضرورة التغيير أو "التحرك مع الزمن".
ويعلن هذا التغيير عن نفسه بطرق متعددة، ولكنها جميعاً تحمل دلالة عميقة في المفهوم الأساسي للعلاقات البشرية لأنّه خط لا مناص منه في قانون الطبيعة.
وعلى المستوى الفردي، يمكن أن تكون هناك أنماط من التغيير تطوريّة أو ثورية، تغيُّرات مادية مظهرية (الملبس أو الموديلات، الأصدقاء، التكنولوجيا...) أو في الروتين ,التقنية..
أو تغييرات راديكالية وإستراتيجية.. تعطي توجهاً جديداً في أنماط عملنا أو حياتنا.
وعلى مستوى المؤسسات، يمكن أن يكون التغيير جزءاً أساسياً في حياة المؤسسة.
وغالباً، فإنّ أي مؤسسة تستطيع أن تكيف نفسها للتغيير، سواء كان في بنيتها، عملياتها، في الأفراد والأصول، بلا ضجيج بالغ.
كما أن مؤسَّسات معروفة عالمياً أدخلت تغييرات تجديدية واسعة على أنظمتها بشكل تدريجي لا   يُسيء إلى كينونتها وأساسها القديم بل يتماشى معه ويحافظ عليها.. مثل "فورد"، "كوداك" و"زيروكس".
ومهما يكن نوع التجديد أو زمانه أو أسلوبه.. لابدّ أن تسبقه التساؤلات الإستراتيجية المهمة:
-        لماذا؟ وماذا نجني؟ وكيف ننافس؟
ومهما يكن فإنّ المخطِّطين والمنفذين للتغيير، وخصوصاً التغيير الاستراتيجي، يجب أن يضعوا في إعتبارهم المصادر والعناصر البشرية كعامل حاسم في التغيير.
إنّ المدير الكفء الذي يتحلّى بالصفات القياديّة الفذة وبإستراتيجية مدروسة واضحة وفريق متفاعل ومؤازر في جميع المراحل والمستويات.. يستطيع أن يحقق تغييراً هادفاً ومثمراً بكل معنى الكلمة.
إنّ المخاطر المرافقة لكل تغيير هي نسبية، تتقلص أو تزداد حسب الكفاءة ومستوى الدراسات المتعلقة بموضوع التغيير.. كلما كانت الحسابات دقيقة، شاملة، ميدانياً ونظرياً كلما تقلصت المخاطر والتضحيات.. وعموماً فإن مجرد إدارتك لمفتاح التشغيل في سيارتك صباحاً.. هو نوع من أنواع المخاطرة.. ومن لا يعمل لا يخطئ.
فالأفكار الجديدة تجد من يقاومها دائماً منذ أن أعلن "غاليلو" أنّ الأرض تدور.. بل قبله.. وبعده..
ولكن حذار أن تطلق كلمة "التجديد" في مؤسستك قبل أن تجهز خططك الكاملة وتقررها.. وبدون ذلك سيبقى كلامك مجرد وعد يحيل انتظار الناس الطويل إلى مرارة صبر نافذ! ثمّ إلى إحباط يضعف الأداء.. ويسيء إلى شخصك لأنّه يضعف الثقة التي بنيتها حجراً حجراً عبر مسيرتك..
إنّ التاريخ مليء بأسماء القادة الذين لم يكونوا يعرفون شيئاً عن التكنولوجيا ولم يقرؤوا أسس ونظريات الإدارة والقيادة.. ولكنهم جعلوا من أعمالهم قمماً وشواهداً للنجاح في التجديد.. وبذلك رسَّخوا أعمق وأبلغ صور القيادة الفاعلة في سلوكياتهم الفذة.

المصدر: كتاب المدير الناجح والتخطيط الإداري الفعال